لهذه الأسباب غابت إيران عن قمة موسكو.. وسيناريو كارثي ينتظر تركيا والمعارضة في إدلب
ما إن أعلنت روسيا وتركيا عن بنود الاتفاق الجديد بشأن إدلب بعد القمة التي جمعت رؤساء البلدين في موسكو، حتى بدأ الحديث عن أن ما تم التفاهم عليه لا يتعدى كونه اتفاقاً بروتوكولياً لن يصمد طويلاً.
وفي اليوم الذي أعقب الإعلان عن بنود الاتفاق خرجت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية لتقول أن روسيا لديها الحق بمواصلة العملية العسكرية في إدلب ضد “الإرهابين” حسب التصنيفات الروسية.
أما النظام السوري فحاول خرق الهدنة أكثر من مرة عبر استهداف مواقع المعارضة السورية بقذائف المدفعية، بالإضافة للتصريحات التي صدرت من مسؤولين رفيعي المستوى في حكومة نظام الأسد حول استعداد قوات النظام لاستعادة مدينة إدلب بالكامل، دون إعارة الاتفاق الجديد بين روسيا وتركيا أي اهتمام.
وأكدت “بثينة شعبان” مستشارة بشار الأسد للشؤون السياسية، على نوايا النظام السوري بمواصلة العمليات العسكرية في إدلب في وقت لاحق بقولها: “اتفاق روسيا وتركيا بخصوص إدلب مؤقت، ولمنطقة معينة”.
وأشارت إلى أن قوات النظام السوري ستبسط سيطرتها على مدن أريحا وجسر الشعور بريف إدلب الجنوبي، وذلك لفتح الطريق الدولي “إم 4”.
من جهتها ما زالت تركيا ترسل المزيد من التعزيزات العسكرية الضخمة إلى محافظة إدلب، فهي على علم أنها في حال خرجت من منطقة خفض التصعيد الأخيرة خالية الوفاض، ربما سيؤدي ذلك إلى إخراجها فيما بعد من مناطق “درع الفرات”، و “غصن الزيتون”، ومناطق عملية “نبع السلام”.
وبحسب دراسة تحليلية نشرها مركز “نورس للدراسات”، فإن إبعاد تركيا من الشمال السوري، سيؤدي إلى سيطرة الإيرانيين على طول حدود تركيا الجنوبية بدءً من إيران، ومروراً بالعراق وسوريا، وصولاً إلى البحر المتوسط.
ومن ثم ستعمل روسيا وإيران على إدخال الصراع إلى داخل الأراضي التركية، ووفقاً للدارسة فإن المعارضة التركية لا تعي هذا الأمر، ولا تدرك أن الصراع في سوريا قد تخطى مرحلة “بشار الأسد”.
اقرأ أيضاً: قمة ثلاثية في إسطنبول بشأن إدلب.. وأردوغان يقدم عرضاً لروسيا يتعلق بإعادة الإعمار والنفط في سوريا
وتقول الدراسة أنه مع احتدام الصراع على النفوذ بين روسيا وإيران وتركيا في المنطقة الشمالية الغربية من سوريا قرب محافظة إدلب، فقد بات من الواضح الآن عدم رغبة موسكو وطهران بالتدخل التركي في ملف سوريا، ولذلك سيعملون على إبعادها من منطقة خفض التصعيد بإدلب.
وأوضحت الدراسة أن الخطوة التي ستتبع إبعاد تركيا من محافظة إدلب، ستكون بإخراجها من المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، ما يعني أن الحدود الجنوبية لتركيا ستكون تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية، بالإضافة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
وحول موقف روسيا من السيناريو المحتمل، ترى الدراسة أن “بوتين” تمكن من كبح جماح تركيا، عبر إيقاف العملية العسكرية ضد قوات النظام السوري في إدلب.
كما استطاع الرئيس الروسي عبر عقد الاتفاق الجديد أن يجنب روسيا مواجهة مع تركيا على الأراضي السورية كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تحصل.
وعلى الرغم من ذلك فإن الدراسة تقول أن “بوتين” لم يكن راضياً عن مخرجات الاجتماع وما تم التفاهم عليه مع “أردوغان” في موسكو، لكنه أراد من ذلك أن يوحي لتركيا أن هدف روسيا من الحملة العسكرية الأخيرة كان فقط السيطرة على الطرقات الدولية “إم 4″، و”إم 5″، وليس السيطرة على كامل منطقة خفض التصعيد شمال غرب سوريا.
اقرأ أيضاً: وزير الخارجية التركي يتحدث عن بنود اتفاق إدلب.. وهذا ما قاله بشأن فيديو “انتظار أردوغان”
ووفقاً للدراسة فإن الرئيس الروسي وافق على عقد الاتفاق بالحد الأدنى من تقديم التنازلات، وذلك من أجل إعادة ترتيب الأوراق مجدداً، والتمهيد للمرحلة القادمة.
وأما بالنسبة لموقف الإيرانيين بعد استبعادهم من القمة بين روسيا وتركيا على الرغم من أن إيران تعتبر ضامناً وفق الاتفاقات السابقة بين البلدان الثلاثة بشأن المنطقة، فبحسب الدراسة فإن طهران ترفض تماماً ما تم الاتفاق عليه مؤخراً في العاصمة الروسية بشأن إدلب.
وترى الدراسة أن عدم الرضى الإيراني يعود للأسباب التالية، فهي لم تتمكن من تحقيق هدفها من الحملة العسكرية الأخير بالوصول إلى كفريا والفوعة ومدينة إدلب، ولم تتمكن أيضاً من الاتفاق سياسياً مع الأتراك، الأمر الذي يعني أن هناك رغبة لدى روسيا وإيران خرق اتفاق الهدنة ومواصلة العمليات العسكرية في وقت لاحق.
اقرأ أيضاً: وكالة روسية تستفز الأتراك بنشرها تسجيلاً مصوراً يظهر انتظار أردوغان لبوتين قبل قمة موسكو (شاهد)
وعن السر الذي يقف وراء غياب إيران عن القمة بين روسيا وتركيا، فتقول الدراسة أن الروس تعمدوا عدم دعوة الإيرانيين، لأن عنوان المرحلة القادمة سيكون موسكو تخطط وطهران عليها التنفيذ، نظراً لأن إيران ليست طرفاً في الاتفاق الجديد بشأن إدلب، ولا تعنيها الهدنة أو وقف إطلاق النار.
وختمت الدراسة تحليلها بالقول: “في ظل استمرار تركيا بالدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى إدلب، فإن هذا يدل على إدراك أنقرة بأن الاتفاق لن يصمد طويلاً، وبأن الوعود الروسية لا يمكن التعويل عليها”.