“مفارقة عجيبة”.. تحسن الليرة السورية يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في المناطق المحررة شمال سوريا.. فما الأسباب..؟
انخفاض الدولار يؤدي إلى ارتفاع الأسعار شمال سوريا.. وهذه أسباب تحسن الليرة السورية..!
طيف بوست – متابعات
أدى تحسُّن سعر صرف الليرة السورية هذه المرة إلى ارتفاع اﻷسعار بالنسبة لكثير من السلع في الشمال السوري بخلاف المعتاد في ظاهرة غريبة زادت من حيرة السوريين بعد التوقعات التي اعتبرت أن قرار التعامل بالليرة التركية سيؤدي للاستقرار الاقتصادي.
ورغم تحسن الليرة السورية مقابل الدولار وباقي العملات اﻷجنبية إلا أن التجار حافظوا على أسعار بعض السلع كما هي، ما يعني أن قيمتها زادت بالليرة التركية وهو ما خلق عبئاً إضافياً على السوريين.
ويعود جذر المشكلة إلى بقاء الليرة السورية في التداول إلى جانب التركية والدولار اﻷمريكي ما يعني التعامل بـ 3 عملات في آنٍ معاً، وهو أمر تقع مسؤوليته على عاتق حكومتَيْ “اﻹنقـ.ـاذ” و”السورية المؤقتة”.
وفي إفادته لـ”نداء سوريا” قال وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة الدكتور “عبد الحكيم المصري”: إن عدم سحب الليرة السورية من الشمال السوري بعد ضخ الليرة التركية هو بالفعل مشكلة سببت الضرر وانعكست سلباً على المواطنين.
وبرّر “المصري” ذلك بوجود عدة صعوبات تواجه عمل الحكومة المؤقتة أبرزها وجود مَن يقف ضدّ هذا اﻹجراء (سحب الليرة السورية) نتيجة ارتباطهم بعمل تجاري مع نظام اﻷسد وهم “كثيرون جداً”، على حد تعبيره.
والمشكلة الثانية بحسب الوزير تتمثل في أن وجود حجم كبير جداً من العملة السورية في الشمال يجعل سحبها بشكل مباشر أمراً من شأنه إلحاق الضرر بالعديد من المواطنين كما أن تنظيم العملية يحتاج لتأمين مبلغ يقرب من مليار ليرة تركية حتى يتم إحلالها محل السورية.
وأشار المصري إلى أنه سيطرح اقتراحاته وخطته للحل في أول اجتماع وزاري مقبل حيث تقتضي خطته سحب الليرة السورية بشكل كامل خلال فترة ما بين شهر أو شهرين وذلك رغم أن اﻷمر “صعب جداً”.
وحول إمكانية التنسيق مع حكومة اﻹنقـ.ـاذ في إدلب قال “المصري”: إن ذلك غير مطروح رغم كون ريفَيْ حلب وإدلب متصلين جغرافياً وسكانياً، ما يعني أن كلاً من الحكومتين عليه أن يعمل بمفرده.
وأوضح أن ما يزيد اﻷمر صعوبة هو وقوف المستفيدين من وجود الليرة السورية عائقاً أمام العملية إلا أنه أكد إصرار “المؤقتة” على إيجاد حلّ للمسألة.
ويوجد في الشمال السوري عدد كبير من تجار العملة الذين يتبادلون المنفعة الاقتصادية مع نظام اﻷسد وبمبالغ طائلة ويتم ذلك عَبْر تبادُل “السورية” والدولار ما يجعلهم رافضين للفكرة.
ومنذ بدايات انهيار الليرة كانت اﻷسعار تحدد بموجب قيمة صرفها أمام الدولار بالنسبة للبضائع المستوردة إلا أن الإنتاج الزراعي والحيواني بقي محدداً حتى اليوم بالليرة السورية.
ومع دخول الليرة التركية إلى الشمال السوري وبدء التعامل بها عقب موجة انهيار واضحة للعملة السورية بدأ سعر صرف اﻷخيرة بالتحسن أمام العملات اﻷجنبية، وهو ما يعني أن المواطن سيدفع عدداً أكبر من الليرات التركية لقاء السلعة نفسها.
فعلى سبيل المثال بلغ سعر كيلو لحم الغنم مطلع الشهر الجاري ما يقرب من 18000 ليرة سورية بشكل وسطي، فيما كانت الليرة التركية تعادل نحو 340 أي ما يقرب سعر الكيلو من 53 ليرة تركية، ومع تحسُّن سعر صرف السورية بقي سعر الكيلو بـ 18000 ليعادل 75 ليرة تركية وهو سعر يتجاوز نظيره داخل تركيا بنحو 10 ليرات رغم الفارق الكبير في مستوى المعيشة بين البلدين!.
ويشمل ذلك كافة السلع المنتجة محلياً من خضراوات وفواكه وألبان وأجبان ولحوم ودواجن وبعض الحبوب كالحنطة والشعير.. إلخ، حيث استغل هذا الواقعَ التجارُ والمنتجون على المستوى الفردي.
من جهتها أعلنت “وزارة الاقتصاد والموارد” في “حكومة الإنقـ.ـاذ” أنها ستقوم بـ”تطبيق أشد العقـ.ـوبات بحق المخـ.ـالفين” لقرار حصر التعامل بالليرة التركية، وقال مدير التجارة والتموين “خالد الخضر”: إنهم شكلوا أمس السبت 8 فِرَق من “الرقابة التموينية” لـ”التأكد من التعامل بالليرة التركية في الأسواق والمحلات التجارية في مدن وبلدات محافظة إدلب”.
وأضاف أن تلك الفِرَق “نظمت 47 ضبطاً تموينياً بحق المخـ.ـالفين، وكانت المخــ.ـالفات عدم الإعلان عن الأسعار بالعملة التركية والتعامل بها، وعدم إعطاء فواتير بالليرة التركية” موضحاً أنها ستواصل دورياتها لتشمل بقية المناطق خلال الأيام القادمة.
اقرأ أيضاً: سعر مفاجئ.. الليرة السورية تصل إلى أقوى مستوى لها منذ شهرين.. ما الجديد..؟
ولم توضّح “اﻹنقـ.ـاذ” في إعلانها ذاك ما الذي ستتخذه من إجراءات بحق تُجار العملة ممن يحتفظون بالليرة السورية بمبالغ ضخمة في السوق ويتبادلون “الدولار” مع نظام اﻷسد وبحق أصحاب رؤوس اﻷموال ممن يتبادلون التجارة معه.
وقد مثّلت الخطوات المنقوصة من قِبل حكومتَي “اﻹنقـ.ـاذ” و”المؤقتة” مشكلة حقيقية زادت من تخبُّط المواطنين في الشمال السوري خصوصاً مع بقاء المنطقة مفتوحة على كافة الاحتمالات اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً واستمرار الليرة السورية في التأرجح.
ويمثل ملفّ “الدواء” مشكلة إضافية مستقلة، حيث بات التخـ.ـبط في تسعيره ظاهرة لافتة؛ إذ إن بعض اﻷصناف يحدد سعرها بالدولار اﻷمريكي وما يعادله من الليرة السورية أو التركية، وبعضها يحدد سعره بالسورية لكونه قادماً من مناطق سيطرة نظام الأسد وبعضها محدد بالليرة التركية، وذلك بالنسبة للأصناف المنتَجة في الشمال.
كما أن بيعه يتم بالليرة السورية أو التركية ما يؤدي إلى تخبُّط كبير في حساب سعره، وهو ما استغله البعض في رفع تسعيرته وجعل المستهلك في حيرة، وذلك وفقاً لتقرير نشره موقع “نداء سوريا“.
وفي الختام تبقى المشكلة اﻷساسية في حرص البعض من أصحاب رؤوس الأموال على مصالحهم التجارية مع نظام اﻷسد، وما ينتج عنه من تمسُّكهم ببقاء ليرته في الشمال “المحرّر” وهو ما تُعَدّ الحكومتان على حدّ سواء مسؤولتين عنه بشكل مباشر.
أسباب تحسن الليرة السورية
وفي سياق متصل، وحول أسباب تحسن الليرة السورية، يرى الخبير الاقتصادي والمالي “فراس شعبو” أن الارتفاع الحاصل في قيمة الليرة السورية وهمي، وهو ناتج عن عدة عوامل أهمها ضخّ مليارات الليرات في الأيام الماضية في فترة انتخابات “مجلس الشعب”، كون معظم المرشحين فيه من أصحاب رؤوس الأموال وأمراء الحـ.ـروب، حيث قام عدد منهم بتحويل كميات من الدولار إلى الليرة السورية.
كما أن قرب عيد الأضحى وزيادة وتيرة تحويل الأموال إلى سوريا من الخارج يُعتبر أحد الأسباب، حيث إن كثيراً من السوريين في الخارج يرسلون مبالغ مالية إلى البلاد، بعضها من أجل شراء الأضحية، وبعضها من أجل توزيعها على الأقارب.
وأفاد “شعبو” في تصريح لموقع “نداء سوريا” بأن عدم انخفاض أسعار المواد في الأسواق يُعتبر أكبر دليل على أن ارتفاع سعر الليرة وهميّ، حيث إن الأسعار لم تتغير بشكل مطلق، وعلى العكس بعض المواد ارتفع سعرها، مضيفاً أن الأمر مجرد فقاعة وبعد عيد الأضحى ستعود الليرة إلى الانهيار من جديد.
وقال: لا نعلم إن كان المصرف المركزي هو من يتلاعب في الاقتصاد بهذا الشكل، ولكن هم يسـ.ـرقون الأموال من الشعب عنوة، كون الحوالات المالية إلى الداخل ستنخفض قيمتها بشكل كبير، في حين أن أسعار المواد لم تتغير.
وأضاف: في ظل شِبه توقُّف العجلة الإنتاجية وخروج كثير من الموارد المالية الطبيعية عن سيطرة نظام الأسد، واستمرار الآلة العسكرية، وبالإضافة إلى وباء “كورونا”، وكثرة الفسـ.ـاد، والانفلات الأمني، لا يمكن لأي اقتصادي أو سياسي عاقل أن يقول إن سعر الليرة السورية يتحسن.
وأوضح أن التذبذب في سعر الليرة وهمي وغير حقيقي ولا يستند على أي مؤشرات لا اقتصادية ولا سياحية ولا إنتاجية، فالعجلة الاقتصادية مهترئة مريـ.ـضة، غير فاعلة، كما أن التصدير متوقف، والاستيراد سيكون شِبه متوقف في الفترة المقبلة نتيجة عقـ.ـوبات “قيصر”.
المصدر: نداء سوريا