أخر الأخبار

“ترك القرداحة وعنده عقدة الزعامة ومازال يحكم لبنان من قبره”.. دراسة تحليلية لشخصية حافظ الأسد..!

دراسة تحليلية لشخصية حافظ الأسد..”ترك القرداحة وعنده عقدة الزعامة ومازال يحكم لبنان من قبره”..!

طيف بوست – متابعات

نشر موقع “كلنا شركاء” دراسة تحليلية نفسية لشخصية “حافظ الأسد” كتبها الدكتور “هيثم الخوري”، سلط الضوء من خلالها صعود الأسد الأب مستشهداً بكتاب “باتريك سيل”، وفي ما يلي نص الدارسة كاملاً كما ورود في الموقع.

دعوني قبل أن أتناول هذه القضية أن أشرح لكم المنهجية التي أتبعها باختيار النصوص من كتاب “باتريك سيل”، وأنا  أتحمل كلياً مسؤولية اختيار هذه النصوص، أي اختارها عن عمد لأنها تخدم هدفي.

قبل أن أبدأ بالإجابة على النقطة أعلاه سأقتبس لكم مقطعين من كتاب إيريك فروم المعنون “تشريح العـ.ـدوانية الإنسانية”، والذي ينتهي فيه بتحليل النزعة العـ.ـدوانية عند هتلر:

أ. في استهلاله للكتاب يضع فروم مقـ.ـطعاً من أسطورة يونانية يقول:

“بتقدم الأجيال فإنها تنمو للأسوأ، زمن سيأتي ويكونون قد أصبحوا شديدي الفسـ.ـاد يقدسون القوة.. القوة لهم ستصبح لهم مبجلة وسينتهي الخير من الوجود.. في النهاية عندما لا يوجد إنسان غـ.ـاضب على أي إثـ.ـم أو لا يحس بالـ.ـعار لوجود البـ.ـؤساء، زيوس سوف يمحـ.ـقهم جميعاً”.

ب. يبتدأ إريك فروم الفصل المعنون “العـ.ـدوانية المـ.ـرضّية: أدولف هتلر، حالة سريرية للجحور” بهذا المقطع:

تهدف الدراسة التحليلية النفسية للسيرة الشخصية إلى الإجابة على سؤالين:

(1) ما هي الطاقات الدافعة التي تحفز الشخص، أي العواطف التي تدفعه أو تجعله يميل ليتصرف كما يتصرف؟

(2) ما هي الظروف -الخارجية والداخلية- المسؤولة عن نشوء هذه العواطف (سمات الشخصية)؟”

المقصود بالظروف الخارجية حوادث المحيط، والمقصود بالظروف الداخلية هو كيف يتلقى الشخص حـ.ـوادث المحيط، ويحللها، ويتفاعل معها.

الآن دعونا نطبق مقطعي إيريك فروم على ما ذكرناه حتى الآن من سيرة حافظ الأسد .

الأسد ترك القرداحة وعنده عقدة “الزعامة”، نزل إلى اللاذقية فحدثوه عن حزب البعث، وكيف أنه “حزب انقلابي” يريد كسر البنى المجتمعية التقليدية (أي الزعما)، فانضم إليه كوسيلة لتحقيق حاجته النفسية والتي هي كسر زعامة “الزعما”.

علموه أن العمل الحزبي هو عـ.ـراك بالأيدي مع أعضاء الأحزاب الأخرى، ففهم أن العمل الحزبي “يا قـ.ـاتل، يا مقـ.ـتول، حتى تستقر لك الزعامة”. أفهموه أن العـ.ـراك بالأيدي مع القوى السياسية الأخرى التي تمثل برأيهم المجتمع التقليدي هي ثورة على المجتمع التقليدي.

وأعطوه قيمة عليا لعمل بدائي (وهو العـ.ـراك بالأيدي).. الآن ذهب الأسد إلى الكلية الحـ.ـربية، فأصبح يحمل بـ.ـارودة، برأيكم كيف سيفهم الأسد العمل الحزبي والثورة الآن، بالتأكيد صراع بالبـ.ـارودة.

اقرأ أيضاً: آل الأسد ليسوا مسلمين ولا عرب ولا سوريين.. تعرف على أصل عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ نصف قرن (فيديو)

الآن دعونا نعالج نقطة أخرى من وعي حافظ الأسد السياسي.. بحسب نظريات علم النفس النشوئي (Developmental Psychology)، فإن الوعي السياسي للأفراد يبدأ بالتكون في سن المراهقة (14 سنة وما فوق).

رأينا أن أحد النقاط التي نشأ فيها وعي الأسد السياسي أن العمل الحزبي عـ.ـراك بالأيدي، أما النقطة الثانية ستكون أن الانقلاب العسكري هو الوسيلة الأسرع للوصول إلى السلطة.

نشأ وعي الأسد السياسي في مرحلة كانت سوريا تمر فيها بانقلابات عسكرية إلى أن وصلنا إلى حكم الشيشكلي، وبعد كل انقلاب كان البيان رقم واحد يعلن أن الجيش استولى على السلطة ليصحح مسيرة البلد.

إذان نشأ الأسد والانقلابات والعسكر الذين يلعبون في السياسة شيء عادي في ذهنه.. ستتعمق هذه الفكرة بعد اتحاد البعث العربي بالاشتراكي العربي، فعلى الرغم من أن البعث العربي كان يقول عن نفسه أنه حزب انقلابي في دستوره، فإن الانقلاب الذي كان يدعو إليه هو الانقلاب المجتمعي.

أما الاشتراكي العربي، فكان يعتقد بأن للجيش مكان في التغيير السياسي.. وكانت الصورة التي رسخها الشيشكلي عن نفسه عند عامة الشعب، عبر “الانجازات” والاستخدام الحاذق للإعلام، هي صورة “بطل وطني” و”معبود الجماهير”.

ستصبح هذه الصورة المحرك الأساسي للأسد في كل مسيرته العسكرية والسياسية وخصوصاً بعد انقلاب 23 شباط 1966، أو ربما 8 آذار 1963.. ربما اكتشف الأسد أو لم يكتشف أن كل هذا كان وهماً!! ولكن لو عاش لهذا اليوم لأدركه تماماً.

حقاً، إذا كان لديكم أي إضافة أو اعتراض حول العرض لشخصية الأسد الذي عرضته من خلال كتابات “باتريك سيل” نفسه فلا تترددوا بقوله.. فهدفنا هو تبادل المعلومات.

الآن دعوني أعود لقضية الاستشهاد بباتريك سيل.. أعود فأكرر فإن “باتريك سيل” هو المؤلف الذي جلس مع الأسد، وبالتالي هو الوحيد الذي يستطيع أن ينقل لنا بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكنه قريب، كيف يفكر الأسد، كل ما هو غير ذلك هو تخمينات وتحليلات نظرية.

فمثلاً ما كتبه “نيكولا فان دام” حول بنية المجتمع السوري عميق ومهم، ولكن “فان دام” لم يتطرق بشكل خاص لما كان يدور في عقل الأسد، وأغلب الكتاب الباقين لم يعيشوا في سوريا وبالتالي تحليلاتهم هي من خلال ما يقرؤون، طبعاً هي مهمة، ولكتها تبقى نظرية.

فقط لأوضح أكثر هناك اختلاف كبير في أساليب الكتابات، فمثلاً “نيكولا فان دام” كتب بأسلوب الباحث الذي يبحث عن العمق في المعلومة، ولو كانت على حساب سهولة القراءة، بينما “باتريك سيل” كتب بأسلوب الصحفي الذي يبحث عن السلاسة والتشويق في الكتابة ولو على حساب العمق.. وهأنذا أستفيد مما كتبه شخص قابل الأسد لأعطيه عمقاً لم يكن أصلاً فيه.

حقيقة، لا أعرف سر هذه الحساسية من كتاب “باتريك سيل” الذي عنونه الكاتب بـ “الأسد والصراع على الشرق الأوسط”!! الأستاذ فواز العظم وأنا -وأعتقد كلانا يقرأ الإنكليزية بإتقان ويعرف المجتمعات الناطقة الإنكليزية بشكل جيد- قرأنا الكتاب بالإنكليزية ولم نجد ما هو فعلاً مثير للـ.ـريبة فيه.

ما عدا بعض المبالغات من هنا وهناك التي لا تؤثر على جوهر الكتاب، والتي اعتاد أي قارئ غربي أن يراها في كتابات أي صحفي يكتب عن أي شخص سياسي، ليجعل كتابته مشوقة للقارئ الغربي.. فهل الذين يتحسسون من “باتريك سيل” قرؤوا كتابه فعلاً؟!.

اقرأ أيضاً: “تحضيراً لمرحلة ما بعد الأسد”.. اجتماع بين مسؤولين أتراك ورياض حجاب في أنقرة.. هذه تفاصيله..!

إذن هل هي الحساسية من اسم الأسد (وباتريك سيل عنون كتابه الأسد والصراع على الشرق الأوسط)؟ إذا كان هذا هو السبب فهو ليس إلا تفكير عاطفي.. والتفكير العاطفي يحدث عندما تسيطر العاطفة على التفكير فتشله.

هل إذاً لأنه لم يهـ.ـجو الأسد على سياسته الداخلية؟ ولكن لم يكن هدف سيل الكتابة عن سياسة الأسد الداخلية، ولا أظن أحداً في الغرب كان مهتماً بذلك في ذلك الوقت، وسيل كتب للقارئ الغربي.

سيل كتب كتابه ليصف كيف وصل الأسد ليكون لاعباً إقليمياً لذلك عنون كتابه (الأسد والصراع على الشرق الأوسط)، وخصوصاً بعد أن تصالح الأسد مع الغرب، اعترف له الغرب بتسيير شؤون  لبنان كلياً.

إن شئنا أم أبينا فإن الأسد كان قد أصبح لاعباً إقليمياً، وقد أعطي التصريح الكامل للتصرف في الملف اللبناني، وما وصل لبنان إليه الآن هو تماماً ما وضعه الأسد له من مخطط، أي أن الأسد مازال يحكم لبنان بعد 20 سنة على مـ.ـوته.

أي مناقشة لكتاب “باتريك سيل” لا تنطلق من هذا المنطلق هي هباء أو بالأحرى لا تمس جوهر الكتاب.. باتريك سيل أراد أن يحقق خبـ.ـطة صحفية، وبالفعل هو فعل لأنه لاحقاً سيكون الأسد أحد رعاة مؤتمر الطائف، ومن المشاركين في حـ.ـرب الخليج الأولى، ومن المشاركين في مؤتمر مدريد، وسيل هو الوحيد الذي قابله شخصياً.

هل لأن سيل شكر الأسد في مقدمة كتابه وعدد من المحيطين به.. إنها أخلاقيات المهنة أن تشكر من أعطوك الوقت والجهد لتنجز كتابك، ولكن يبدو أن البعض لا يفهم أخلاقيات المهنة!!!.

فعلاً، لا أريد أن أتعامل مع موضوع الحساسية من كتاب “باتريك سيل” أكثر من هذا.. النصوص موجودة أمامكم، وأنا أتحمل مسؤوليتها كاملة.. الذي يريد نقدها أو تصحيحها، يا أهلاً وسهلاً به، فكل هذا للبناء، ومن يريد التشـ.ـويش عليها سيتم التعامل معه بحزم ، لأن التشـ.ـويش تخـ.ـريب!!!

واختتم الدكتور “هيثم الخوري” دراسته بالقول: “تأكدوا أنني أكتب قناعاتي وأدافع عنها، ولا أتعامل على طريقة ما يطلبه الجمهور!!!”.

تنويه أخير: الصورة للأسد بعد أن قام بانقلابه المسمى الحركة التصحيحية، وهو فرحاً مزهواً رافعاً علامات النصر بأنه أطاح بكل الزعماء السياسيين والعسكريين، وستمتد يده إلى كل من يدعي زعامة فيما بعد إن كانت نقابية أو ثقافية أو فكرية أو عشائرية أو دينية ليمحوها جميعاً.

وهذا ما عرضه سيل في كتابه، وإذ ما رأى أحد منكم أن هذا مديح سأحيله إلى ما نقله إريك فروم عن الأسطورة اليونانية: “بتقدم الأجيال فإنها تنمو للأسوأ.. زمن سيأتي ويكونون قد أصبحوا شديدي الفسـ.ـاد يقدسون القوة.. القوة لهم ستصبح لهم مبجلة وسينتهي الخير من الوجود”.

rami fakhori

كاتب صحفي متخصص في كتابة التقارير والأخبار بمختلف أنواعها، حاصل على شهادة دبلوم في الصحافة والإعلام من الأكاديمية السورية الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: