الانتخابات الرئاسية بوابة التغيير في سوريا.. ولهذه الأسباب عاد الملف السوري إلى الواجهة مجدداً
نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” تحليلاً إخبارياً سلطت الضوء من خلاله على عودة الزخم إلى الملف السوري مجدداً على الساحة الدولية إلى حد يذكرنا تقريباً بأجواء عام 2012.
وتحدثت الصحيفة عن أسباب تصدر الملف السوري أوراق البحث في مراكز التفكير العربية والغربية، فضلاً عن بروز الحديث حول مستقبل سوريا سياسياً وعسكرياً في وسائل الإعلام الدولية ومنصات التواصل الاجتماعي.
وبحسب تحليل الصحيفة، فإن عودة سوريا إلى الواجهة مجدداً في الوقت الذي تنشغل فيه دول العالم بمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، قد جاءت لعدة أسباب ومتغيرات طرأت على الملف السوري.
وفي مقدمة الأسباب التي تطرقت “الشرق الأوسط” للحديث عنها، هي خروج الخلافات العائلية ضمن الحلقة الضيقة المقربة من رأس النظام السوري “بشار الأسد” إلى العلن، عبر ظهور “رامي مخلوف” المتكرر من خلال تسجيلات مصورة نشرها على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
وتساءلت الصحيفة عن الموقف الروسي إزاء ما يحصل من خلافات بين الأسد ومخلوف، حيث قالت: “أين روسيا وإيران من مخلوف ؟ ولماذا الآن؟ وهل هناك جهة خارجية وراءه؟”.
وفي إشارة إلى ما حصل في سوريا في ثمانينات القرن الماضي بين “حافظ الأسد” وشقيقه “رفعت”، أضافت الصحيفة: “هل يحصل في سوريا ما يحصل في كل الحـ.ـروب الأهلية بأن التغييرات السياسية تأتي عندما يسعى أمراء الحـ.ـرب إلى شرعنة أعمالهم؟”.
أما السبب الثاني الذي دفع بالملف السوري إلى الواجهة، فتحدثت الصحيفة عن الصمت الروسي حيال حملة الانتقادات التي شنتها وسائل الإعلام الروسية ضد “بشار الأسد” ونظامه، عقب زيارة وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو” إلى دمشق خلال شهر آذار/ مارس الماضي.
وأشارت بعد ذلك إلى بقاء روسيا صامتة لبضع أسابيع، ليعود مسؤول عسكري روسي للتأكيد على ثبات موقف القيادة الروسية من الأسد، وعدم وجود أي تغييرات جذرية في موقف الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” تجاه الملف السوري.
ولفتت أيضاً إلى تصريحات سفير روسيا في دمشق، والتي أدلى بها يوم أمس لصحيفة “الوطن” الموالية للنظام السوري، حيث اعتبر السفير الروسي خلال تصريحاته أن العلاقات بين روسيا وسوريا “تتميز بالطابع الصديق والاستراتيجي” على حد تعبيره.
وهنا تساءلت الصحيفة عن إمكانية أن تكون موسكو قد غيّرت موقفها بالفعل، وهل كان صمتها على الحملة الإعلامية ضد “الأسد” مقصوداً بهدف إيصال رسالة ما للنظام السوري.
وأضافت: “ما هو حد التغيير في موسكو، الضغط على الأسد أم تغيير الأسد؟ للإصلاح أم للتغيير؟ هل فعلاً، لا تريد روسيا الغرق في المستنقع السوري… اقتصادياً؟ وهل وصل النفوذ الروسي في المنطقة إلى الجدار ويحتاج إلى قفزة؟”.
اقرأ أيضاً: سامي كليب مخاطباً مؤيدي الأسد.. استعدوا لتلقي الصدمة الكبرى..!
واعتبرت الصحيفة من بين الأسباب التي أعادت سوريا إلى الواجهة، هو وجود حديث حول إمكانية أن يحصل حوار بين الروس والأمريكيين بشأن التسوية السياسية في سوريا.
وتحدثت عن بعض الطروحات التي ذكرها دبلوماسييون غربييون حول رغبة روسيا بالحوار مع واشنطن في الوقت الحالي إلى الحد الذي جعلها تغيّر موقفها نسبياً بالنسبة للملف السوري، كما نقلت تساؤلاً طرحه العديد من المحليين ،ألا وهو “هل فعلاً بوتين غاضـ.ـب من الأسد” أم أنها مناورة سياسية جديدة من موسكو لا أكثر ولا أقل.
ورأت الصحيفة في تحليلها أن من بين أهم الأسباب التي أعادت الزخم للملف السوري، هو تداول الصحف الدولية مسألة الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا.
وأضافت إن” تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى شهر تموز المقبل بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا، قد جعل الأعين تتجه نحو الحديث عن انتخابات الرئاسة المقبلة منتصف العام القادم”.
وأوضحت الصحيفة وجود تصريحات لمسؤولين غربيين حول دعم شخصيات من المعارضة السورية للترشح للانتخابات القادمة، لافتةً إلى تسمية أحد الباحثيين الإسرائيليين مرشح تل أبيب للرئاسة السورية.
وأشارت إلى ما قاله المبعوث الدولي إلى سوريا “غير بيدرسون” حول انتخابات الرئاسة، حيث قال: “هذه الانتخابات ستعقد وفقاً للترتيبات الدستورية القائمة، فالأمم المتحدة ليس لديها ولاية محددة ولم يُطلب منها الانخراط في هذه الانتخابات، إن تركيزي لا يزال منصباً على العمل من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة”.
وعلى ضوء ما سبق، اعتبرت الصحيفة أن بوابة التغيير في سوريا ربما تكون عبر الانتخابات الرئاسية في حال أجريت بتوافق دولي وإقليمي بناء على تفاهمات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بالدرجة الأولى، وذلك من أجل فسح المجال أمام إعادة الإعمار، مشيرةً إلى أن ذلك قد يكون مخرجاً للروس الذين يرفضون مبدأ تغيير الأنظمة.
اقرأ أيضاً: مؤشرات قوية تدل على انتهاء دور بشار الأسد.. هل أعطى بوتين أخيراً الضوء الأخضر..؟
أما السبب الآخر الذي تحدثت عنه الصحيفة في تحليلها وكان له دور في جعل ملف سوريا يتصدر مجدداً أجندات وسائل الإعلام الدولية، هو الأنباء المتداولة حول الانسحاب الإيراني من الأراضي السورية.
وتساءلت الصحيفة عن الأسباب التي دفعت كل من إسرائيل وأمريكا للتركيز على التواجد الإيراني في سوريا خلال المرحلة الحالية، وربطت ذلك بضغوطات تتعرض لها موسكو من قبل تل أبيب لإخراج إيران من سوريا، فضلاً عن تأثر طهران بالعقـ.ـوبات الاقتصادية المفروضة عليها وعدم قدرتها على تحمل المزيد من الأعباء جراء وجودها العسكري على الأراضي السورية.
في حين رأت الصحيفة أن الهدنة في إدلب، وبالرغم من وجود العديد من الخروقات، إلا أنها ساهمت بعودة الملف السوري من جديد إلى الواجهة عبر التحركات التركية، والأحاديث عن مدى صمود اتفاق الهدنة في المنطقة، خاصة مع الإشكالات التي رافقت تسيير الدوريات المشتركة على الطريق الدولي “إم 4” الذي يصل مدينة حلب بمدينة اللاذقية.
ومن النقاط التي ركزت عليها الصحيفة في تحليلها بما يتعلق باتفاق الهدنة في إدلب، هي إمكانية صمود الهدنة مستقبلاً، فضلاً عن تأثير ما يجري في ليبيا على الملف السوري، بالإضافة إلى الحديث حول مصير المتطرفين في محافظة إدلب، وموعد نفاد صبر الكرملين إزاء ذلك.
ووفقاً للصحيفة فإن السبب الأخير الذي أدى إلى عودة سوريا إلى الواجهة مجدداً يتمثل بالحديث عن العقـ.ـوبات المفروضة على النظام السوري، كذلك “قانون قيصر” الذي من المتوقع أن يدخل حيّز التنفيذ خلال الشهر القادم.
وأشارت إلى أن روسيا تحمّل العقـ.ـوبات التي تفرضها أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي على نظام الأسد، مسؤولية عدم قدرة الأخير على مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، متسائلة عن إمكانية أن تكون هذه الملفات بوابة لتفاهمات جديدة “خطوة مقابل خطوة” ام أنها ستكوت مفترق طرق بين الأطراف المعنية بالملف السوري.
اقرأ أيضاً: كاتب تركي: روسيا تعمل على إخراج إيران من سوريا.. والترتيبات بدأت لمرحلة ما بعد الأسد
واختتمت الصحيفة تحليلها بالقول: “ليس من السهل أن نجزم في أي اتجاه ستنتهي فيه التحركات في سوريا وما حولها، لكن ما من شك أن المستجدات الأخيرة تفتح المجال أمام عدة تساؤلات كبيرة ومثيرة”.
وأضافت: “تحاول جميع الأطراف المحلية والخارجية أن تجر الإجابات عن الأسئلة السابقة إلى ضفتها، في الوقت الذي تبدو فيه جميع الأطراف في حالة عدم اليقين بما يتعلق بالملف السوري”.