أخر الأخبار

“صراع العروش”.. هل ينفرط عقد النظام السوري ويرحل الأسد..؟

يجري صراع على أشده في سوريا بين أجنحة عائلة رأس النظام السوري “بشار الأسد”، يتداخل معه الاقتصادي بالسياسي، في مشهد سريالي ستكون له تداعيات كبيرة على تماسك النظام.

ذلك النظام الذي ظل نسبياً صامداً أمام الهزات العنـ.ـيفة التي تعرض لها على مدار 9 أعوام سنوات من الصراع في سوريا، فضلاً عن الضغوط الدولية.

ويتمحور الخـ.ـلاف بين خال “بشار الأسد” محمد مخلوف المقيم في روسيا وأبنائه من جهة، وأسماء الأخرس (زوجة بشار الأسد) وأقربائها من جهة أخرى للسيطرة على مفاصل الاقتصاد السوري.

يأتي ذلك وسط مؤشرات على أن الصراع بات خارجاً عن السيطرة، في ظل عجـ.ـز الأسد عن كبحه أو حتى ضبط إيقاعه، ما بات يهـ.ـدد قبضـ.ـته، ويثير حنق حليفته روسيا التي باتت تستشعر فداحة الاستمرار في الـ.ـرهان عليه في سدة الحكم.

والصـ.ـراعات داخل عائلة الأسد القابـ.ـضة على مفاصل الحكم في سوريا منذ سبعينات القرن الماضي ليست بالجديدة، وسبق وأن جرى احتواؤها، لاسيما في عهد حافظ الأسد الأب من خلال الضـ.ـرب بيد من حديد على “الخارجين عن بيت الطاعة”.

لكن الوضع الحالي يختلف حيث أن النظام يواجه مشكـ.ـلات مركبة في ظل صراع عسكري مستمر يتداخل معه المحلي بالإقليمي والدولي، وانجر عنه انهـ.ـيار اقتصادي عمقه الفسـ.ـاد الذي بلغ مستويات خـ.ـطيرة.

هذا الفسـ.ـاد طال حتى دول الإقليم، تم اكتشاف شحنات مرسلة مؤخراً إلى مصر من المفروض أنها تحوي علب حليب، ليتبين لاحقاً أن تلك العلب معبأة بمواد مخــ.ـدرة، واللافت أن علامة الشحنة تحمل اسم شركة تعود إلى رجل الأعمال رامي مخلوف (ابن خال الأسد).

وألمح رامي مخلوف المقيم في دمشق في تدوينة نشرها مساء الاثنين على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” إلى أنها مؤامـ.ـرة نسجت من الداخل ضده، فيما بدا إشارة ضمنية إلى أسماء الأسد وأقربائها، للانتـ.ـقام منه وضــ.ـرب تجارته.

وقال مخلوف في تدوينته “أعلنت السلطات المصرية منذ أيام عن ضبط شحنة كبيرة من المخـ.ـدرات المعبئة بعلب حليب تحمل علامة تجارية باسم “ميلك مان” خاصة بشركة تعود لن”.

وأضاف “من المؤسف جداً أن نرى من يشـ.ـوه هذا العمل التنموي الإنساني من خلال تفريغ مضمون هذه المنتجات وتعبئتها بالمواد المخـ.ـدرة، فهو فعل جبـ.ـان حقـ.ـير يحمل قمة الإسـ.ـاءة لذلك العمل النبيل ولسمعتنا أيضاً”.

اقرأ أيضاً: سفير روسيا السابق في دمشق: النظام السوري في أسوأ أحواله منذ 9 أعوام وموسكو وأنقرة تبحثان عن بديل للأسد

وطالب مخلوف الجهات المعنية بأن “تضع حداً لمثل هذه الممارسات في البلاد وبأن تلاحق من يُصَنِع ويُتَاجِر بهذه المواد المخـ.ـدرة المخـ.ـربة لعقولنا والمـ.ـؤذية لأولادنا”.

ولفت إلى أن “إنتاج هكذا مواد وبتلك الكميات لا يمكن أن يتم في دكاكين صغيرة بل يحتاج إلى أماكن كبيرة وتمويلات ضخمة إضافة إلى عمال وآلات وأسطول لنقلها”.

ودعا “الجهات المختصة الأمنية وغيرها لأن تكشف لنا عمن استخدم منتجاتنا لتهـ.ـريب هكذا مواد وهل اختيار منتجاتنا مقصود؟ والهدف منه الإسـ.ـاءة لسمعتنا وتعـ.ـطيل أعمالنا وصولاً لإخراج مجموعة قوية من المنافسة الاقتصادية”.

وتعد عائلة مخلوف أحد أقطاب الاقتصاد في سوريا، وقد منحت خلال حكم آل الأسد البلاد، امتيازات هائلة واستثنائية في مجالات مختلفة منها الطاقة والعقارات والاتصالات والمواد الغذائية، حتى أن كل الأعمال التجارية في سوريا تكاد تمر عبر هذه العائلة.

وكان الأسد الأب يـراهـ.ـن على عائلة زوجته “أنيسة مخلوف” في دعم الابن “بشار” وضمان شبكة حاضنة له، وقد لعب آل مخلوف دوراً رئيسياً في دعم الأسد عقب اندلاع الثورة السورية ضده عام 2011.

وهذا الدعم ليس فقط مالياً، حيث وجهت اتهـ.ـامات لمحمد مخلوف وابنه رامي بالترتيب لصـ.ـفقات أسـ.ـلحة بين سوريا وروسيا ودفع ثمن هذه الأسـ.ـلحة أو مبالغ نقدية “على الحساب”.

وجراء هذا الدعم تعرضت عائلة مخلوف لعقــ.ـوبات أوروبية وأميركية. وفي السنوات الأخيرة بدأ يتـ.ـسرب الفتور للعلاقة بين رأس النظام السوري والعائلة، لاسيما مع ابن الخال رامي مخلوف، في ظل اتهـ.ـامات للأخير ورجال أعمال آخرين يدورون في فلكه بتـ.ـهريب عشرات المليارات من الدولارات إلى الخارج، والتهـ.ـرب الضـ.ـريبي.

اقرأ أيضاً: مؤشرات على نهاية العلاقة بين عائلتي “الأسد ومخلوف”.. هل بدأ القفز من السفينة الغارقة؟

وتقول أوساط إن الأمر أبعد ما يكون عن محاولة وضع حد لمظاهر الفسـ.ـاد والهـ.ـدر، وإنما هي في واقع الأمر حـ.ـرب نفوذ اقتصادي لا تخلو من خلفيات سياسية بين آل مخلوف وآل الأخرس (عائلة أسماء الأسد) الذين دخلوا بقوة على خط التنافس للحصول على الحصة الأكبر من الاقتصاد السوري.

ولفتت تلك الأوساط إلى أن الأمر انفـ.ـجر بين الطرفين بعد وضع أسماء الأسد العام الماضي يدها على شركات اتصال وجمعية البستان الخيرية التي تعود لرامي مخلوف لتستمر عملية تحجيم ابن خال رأس النظام السوري.

وقد تم الشهر الماضي الحجـ.ـز على أموال منقولة وغير منقولة لشركات تعود لرامي بتهـ.ـمة التهـ.ـرب الجمـ.ـركي.

ودفعت هذه الحـ.ـرب آل مخلوف إلى الاستنجاد بروسيا والرد عليها عبر الكشف عن ملفات فسـ.ـاد الأسد وزوجته كان آخرها شراء لوحة فنية بثمن خيالي في الوقت الذي تعـ.ـاني فيه سوريا من تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

ولوحظ في الفترة الأخيرة تركيز إعلامي روسي لافت على الفسـ.ـاد في عائلة الأسد ومقربين منها، ونشرت مؤخرا وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية القريبة من الكرملين سلسلة تقارير عن هذا الموضوع واصفة رأس النظام السوري بـ “الضعيف”، متهـ.ـمة أركانه بـ “استغـ.ـلال المساعدات الروسية لأغراضهم الشخصية”.

وأشارت الوكالة في أحد تقاريرها إلى أن الفسـ.ـاد في السلطة الحاكمة بسوريا أفسـ.ـد كل شيء، حيث أنه في الوقت الذي ساهمت دول بهـ.ـزيمة تنظيم “داعش”، وإرسال المساعدات الإنسانية للشعب، فإنّ مسؤولي النظام غارقون في الرفاهية وينعمون بكل وسائل الراحة.

ويقول محللون إن هـ.ـجـ.ـوم الصحافة الروسية على الأسد ومقربين منه لا يمكن أن يجري دون غطاء من الكرملين، وأنه بمثابة تحـ.ـذير له ولأركانه.

اقرأ أيضاً: روسيا تواصل حملة انتقاد نظام الأسد.. ما القصة؟

وتخشى روسيا من أن يؤدي الفسـ.ـاد المستشري في سوريا وعدم قدرة الأسد على إدارة الأوضاع حتى “داخل بيته”، إلى فقدان الإنجازات التي تحققت منذ تدخلها المباشر في الصـ.ـراع عام 2015.

يأتي ذلك وسط شعور متنام لدى قادة الكرملين بأن رأس النظام السوري “بشار الأسد” لا يملك الإرادة الحقيقية والفعلية للإصلاح، وأنه سيكون من الصـ.ـعب جداً إيجاد حل للأوضاع في سوريا في ظل بقائه على رأس السلطة.

المصدر: صحيفة العرب اللندنية

rami fakhori

كاتب صحفي متخصص في كتابة التقارير والأخبار بمختلف أنواعها، حاصل على شهادة دبلوم في الصحافة والإعلام من الأكاديمية السورية الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: