وظائف المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي.. بعض الوظائف ستختفي نهائياً بعد فترة..!
مهما كان عملك الحالي أو عمرك فإن هذا التقرير سيكون مفيداً لك ولحياة أبنائك المستقبلية، فجميع الآباء يرغبون بتدريس أبنائهم مجالاً يحصلون من خلاله على وظيفة لتحقيق دخل مادي يعينهم على تأمين متطلبات الحياة.
وحتى لا يفاجئ البعض بعد فترة وجيزة بأن وظيفته لم تعد مطلوبة إطلاقاً، فإننا سنسلط الضوء في السطور القادمة على بعض الوظائف التي ستختفي نهائياً خلال العقد الثالث من الألفية الثانية، حيث سيحل مكانها ما يعرف بـ “وظائف المستقبل”.
لا شك أن كثيرين منكم قد قرؤوا أو سمعوا عن “وظائف المستقبل”، وتأثير التكنولوجيا الحديثة التي تعتمد بشكل كلي على تقنيات الذكاء الاصطناعي والربوتات التي وبحسب آخر الدراسات والأبحاث ربما ستساهم باندثار الكثير من الوظائف الحالية بنسبة قد تصل إلى 50 بالمائة، وذلك بعد خمسة عشر عاماً فقط من يومنا هذا.
وعلى الرغم من أهمية هذه الدراسات والأرقام التي تدل على أن أكثر من نصف الوظائف الحالية ستنقرض في المستقبل القريب، إلا أن العديد من الناس لا يلقون لها بالاً أو يعتبرونها مجرد تضخيم إعلامي، أو ربما لا يصدقون أن ذلك من الممكن أن يحدث بشكل متسارع كما تقول معظم الأبحاث الحديثة.
على الجهة المقابلة يوجد الكثير من الناس الذين يؤمنون أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستغير حتماً شكل الوظائف في المستقبل، لكنهم في ذات الوقت يقفون مكتوفي الأيدي، ولا يعرفون من أين سيبدؤون تعلم مهارات جديدة قد تمكنهم من العمل وإيجاد وظيفة تتماشى مع متطلبات العصر، وتعود الحيرة في اتخاذ القرارات إلى ندرة المواضيع التي تتحدث باستفاضة عن هذا الأمر.
في هذه المادة سنحاول أن نتحدث عن الأمور الهامة التي تتعلق بـ “وظائف المستقبل”، وكيفية الاستعداد للمرحلة المقبلة التي من المتوقع أن تحل تقنيات الذكاء الاصطناعي مكان الإنسان في أكثر من 75 بالمائة من الوظائف الحالية وذلك بحلول عام 2045.
بعض الوظائف ستختفي قريباً
في البداية ربما يكون عدم تصديق العديد من الناس أن عدد كبير من الوظائف ستختفي في المستقبل القريب أمراً طبيعياً، فهذه طبيعة الإنسان عندما يتعلق الموضوع بتغييرات جذرية كبيرة جداً في العالم خلال فترة قصيرة من الزمن، لكن دعونا ننظر إلى المرحلة السابقة خلال تسعينيات القرن الماضي، هل كان أحد منكم يتوقع أن نصل إلى ما نحن عليه الآن من تطور في مجال التقنيات الحديثة والتكنولوجيا الرقمية خلال مدة زمنية لا تتجاوز 25 عاماً؟.
مثلاً هل خطر في بال أحدكم حينها أنه من الممكن بعد فترة أن يتلقى أي نوع من أنواع التعليم عن بعد (أونلاين) وهو جالس في منزله أو أن يفعل الكثير من الأشياء بضغطة زر واحدة عبر شبكة الانترنت؟.
في تلك الفترة ظهرت العديد من الأبحاث والدراسات حول التطورات التي ستطرأ خلال العقد الأول من الألفية الثانية في مجال التكنولوجيا الرقمية، لكن لاحظوا أن معظم ردود أفعال الناس في ذلك الوقت حيال تلك التغييرات المحتملة كانت شبيهة إلى حد كبير بما نراه اليوم من إنكار لما نحن مقدمين عليه خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي يتطلب منا أن نكون أكثر وعياً وانسجاماً مع ما سنشهده من تغييرات ضخمة في العقدين المقبلين.
ولعل التغييرات الأساسية التي ستطرأ على شكل وظائف المستقبل ستتمثل باستبدال الإنسان وما يقوم به من مهام اعتيادية، لتحل مكانه تقنيات الذكاء الاصطناعي التي ربما تكون على هيئة ربوتات أو أجهزة ذكية بمقدورها تنفيذ آلاف بل ملايين الأوامر بسرعة كبيرة وكفاءة عالية ودقة متناهية وبتكلفة قليلة نسبياً.
المرحلة المقبلة ستسيطر فيها الربوتات على معظم الوظائف
وحتى تكون الفكرة أكثر وضوحاً هذه بعض الأمثلة لمهام اعتيادية يقوم بها الإنسان من الممكن أن لا نراها في المستقبل القريب، كاالعمل في مجال صناعة الألبسة، أو قيادة السيارات، أو بعض الصناعات اليدوية، أو الكثير من الوظائف الإدارية والأعمال التي لا تحتاج لدقة كبيرة جداً وخبرة متراكمة، حيث من الممكن أن نلخص ما ذكرناه سابقاً، بأن الوظائف المستقبلية ستقتصر على الأعمال التي لا تستطيع التقنيات الحديثة أن تقوم بها عوضاً عن الإنسان.
وتشير جميع الدراسات والأبحاث في هذا المجال إلى أن المرحلة المقبلة ستسيطر فيها الربوتات وأجهزة الذكاء الاصطناعي على معظم الوظائف، وأن الأمر الوحيد الذي من الممكن أن يعرقل حصول ذلك، هو اندلاع حرب عالمية ثالثة، أو حدوث أشياء استثنائية ضخمة في العالم.
وتبرهن الدراسات حقيقة حصول ذلك بذكر ما انفقته الشركات المصنعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي خلال الفترة الماضية، إذ وصل حجم استثمار الشركات إلى ما يقارب خمس مائة مليار دولار مع توقعات بزيادة استثماراتها في المجال التقني في قادم الأيام، خصوصاً مع النجاح الباهر الذي حققته تلك الشركات مع بداية انطلاقتها وإجرائها تجارب عديدة لاقت استحسان الشركات الكبيرة التي تحتاج إلى مثل تلك التقنيات.
ويجمع العديد من الخبراء والباحثين والمفكرين على أن بعض الوظائف لن تندثر في الفترة المقبلة خصوصاً تلك الوظائف التي تتطلب أن يكون لدى الإنسان قدرات في المجال التقني أو التحليلي أو أن يكون مبدعاً يقدم أفكاراً خارجة عن المألوف، فيما عدا ذلك فإن معظم الوظائف الأخرى في طريقها إلى الزوال نهائياً وبشكل تدريجي مع مرور الوقت.
المجالات الأكثر طلباً في المستقبل
المجال التقني سيكون على رأس الوظائف المطلوبة مستقبلاً، لأنه مهما بلغ ذكاء الأجهزة الاصطناعية لا بد أنها تحتاج لمن يقوم بتشغيلها وصيانتها إذا لزم الأمر، ولا بد من وجود أشخاص مختصين يقومون ببرمجتها وتطويرها، وإذا كنت ممن يملكون هذه القدرات التقنية فأنت من الناس المحظوظين الذين سيجدون عملاً في المستقبل، لذا احرص على زيادة مهاراتك أو تدريس أبنائك مجالاً يمكنهم من تنمية مهارتهم وقدراتهم التقنية على وجه الخصوص.
وأما بالنسبة للمجال التحليلي الذي يقوم على تحليل البيانات واستنباط الأفكار بناءً على تلك التحليلات، فسيبقى الإنسان جزء أساسي من هذه التقنية مهما حاولت الشركات ابتكار وتصميم البرامج التي تقدم التحليلات والبيانات، لأن العنصر البشري لا يمكن الاستغناء عنه في استنتاج الأفكار وبناء التوقعات مهما بلغت قدرة الأجهزة الذكية.
وعند الحديث عن الإنسان المبدع، فإن الحاجة إليه ستكون موجودة دائماً، فالأفكار الإبداعية مطلوبة في كل زمان ومكان، ويمكن القول في هذا الصدد أن الوظائف التي تعتمد على الإبداع هي في مأمن ولا يمكن أن تزول حتى مع ظهور تقنيات حديثة تتمتع بالذكاء الخارق.
بعد 20 عام من يومنا هذا أي بحلول عام 2040، ربما ستكون معظم الوظائف التي نراها اليوم قد اندثرت وحلت مكانها الآلات أو سيشهد ذلك الوقت ظهور وظائف جديدة، لكم أن تتخيلوا حجم التغييرات التي ستطرأ على شكل العالم ككل في تلك الفترة، الأمر الذي سيفرض علينا واقعاً جديداً مليئاً بالتحديات، إذ يتوجب على الجميع التمتع بقدرات تقنية ولو بالحد الأدنى حتى يتمكنوا من الحصول على فرصة عمل.
وكما حدثنا أجدادنا عن بدايات ظهور التلفزيون والهاتف والسينما، ربما ستصبح حياتنا في الوقت الراهن مجرد قصص نحكيها لأبنائنا وأحفادنا في قادم الأيام، حينها سيصبح حديثنا عن ظهور الكمبيوتر والانترنت وحتى الربوتات أمراً طبيعياً لا يستغربه أحفادنا ولا يرونه إلا من الأشياء الأساسية والضرورية التي من البديهي تواجدها في حياتنا.
الحل في مواجهة حقيقة مستقبل الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي
في النهاية علينا أن نواجه حقيقة أن التقنيات الحديثة قد نجحت واستحوذت على جزء كبير من حياتنا، لذلك في حال أردنا التفكير في مستقبلنا ومستقبل أبنائنا، يتوجب علينا مراعاة عدة أشياء بشكل رئيسي ومحاولة تنميتها قدر المستطاع.
ويأتي في مقدمة تلك الأشياء تدريب النفس على أن تتعلم ذاتياً بشكل مستمر، وأن يكون شعار كل إنسان سأتعلم بنفسي لأتماشى مع التطور التقني الهائل، بالإضافة إلى السعي لتنمية كل المهارات التي تتعلق بالتقنيات الحديثة في شتى المجالات، فمهما كان عملك الحالي فإنك ستحتاج في المستقبل لأن تكون ملماً بكثير من الأمور التقنية، وتبقى تنمية قدرة الإنسان الإبداعية وإطلاق العنان لمخيلته أمراً مطلوباً في أي وقت حاضراً ومستقبلاً.
فلكم أن تتخيلوا حجم التغييرات التي سوف تطرأ على حياتنا وحياة أطفالنا في المستقبل القريب، لذلك استعدوا جيداً لما هو قادم، فالفرصة مازالت سانحة أمام الجميع لتعلم مهارات جديدة تتماشى مع متطلبات سوق العمل في السنوات القليلة القادمة.