المعارضة السورية تتحدث عن مصير هيئة تحرير الشام في إدلب واحتمالات صمود الاتفاق الجديد
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الاتفاق الجديد الذي تم التوقيع عليه بين روسيا وتركيا في موسكو، يوم الخميس الفائت، بشأن منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب.
واختلفت آراء كبرى دول العالم حول مدى إمكانية تطبيق بنود هذا الاتفاق، فيما وصفه محللون وخبراء بأنه اتفاق “هش” لن يصمد طويلاً.
لكن ماذا عن رأي المعارضة السورية حول هذا الاتفاق الذي يعد مصيراً بالنسبة لآخر معاقلها في المنطقة الشمالية الغربية من سوريا.
في هذا الإطار، أشار القيادي في المعارضة السورية “عمر سالم”، أن موسكو استطاعت بحنكتها أن تروض الأتراك، بعد غضبهم على خلفية مقتل عدد من جنودهم في الشمال السوري.
وقال القيادي في تصريحات خص بها موقع “عربي 21″، أن أنقرة كانت مصرة على طرد قوات نظام الأسد إلى حدود اتفاق سوتشي، ووجهت له ضربات موجعة في الأسابيع الماضية.
وأضاف أن هذا الأمر أجبر موسكو على طلب الاتفاق على وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب، مع الحفاظ على خطوط التماس الحالية.
وأوضح أن روسيا تمكنت من فرض رؤيتها عبر هدنة مؤقتة، مشيراً أن هذه الهدنة كان نظام الأسد ومن خلفه روسيا بأمس الحاجة إليها من أجل التقاط أنفاسهم، عقب الخسائر الفادحة التي منيت بها قواتهم في الفترة الماضية.
ولفت إلى أن هدف روسيا من هذا الاتفاق هو إعادة ترتيب الأوراق وتنظيم الصفوف من أجل متابعة الحملة العسكرية في وقت لاحق، والسيطرة على محافظة إدلب بالكامل.
وأشار إلى أن التعزيزات العسكرية التركية ما زالت مستمرة، وأن الجيش التركي مستعد للرد على أي تهديدات قد تواجه نقاط المراقبة أو مواقع الجنود الأتراك في المنطقة.
من جهته أكد القيادي في الجيش السوري الحر “محمد رياض”، أن بنود الاتفاق ما تزال غامضة، وأن هناك العديد من النقاط التي لم يتم التفاهم عليها بين روسيا وتركيا في المباحثات التي جرت مؤخراً في موسكو.
وأوضح أن الاتفاق لم يتحدث عن نقاط المراقبة التركية، ولا عن تعرض قاعدة حميميم الروسية للهجمات، معتبراً أن هذا الاتفاق “هش” ولا يمكن أن يصمد طويلاً.
ويرى “رياض” أن من أهم النقاط المتفق عليها في موسكو، هي أحقية تركيا بالرد العسكري على أي خروقات لوقف إطلاق النار من قبل قوات نظام الأسد.
وأشار إلى أن هذا الأمر يعني عودة المواجهات في المنطقة عما قريب، لافتاً إلى أن عودة المعارك هذه المرة ستكون بموافقة الروس الذين فوضوا الأتراك بذلك وفقاً لبنود الاتفاق.
واعتبر أن أهم ما جاء في الاتفاق الجديد، هو ترسيخ العلاقات بين روسيا وتركيا، وعدم السماح للتطورات التي جرت في إدلب مؤخراً بالتأثير على علاقة البلدين، وتعاونهما في سوريا.
اقرأ أيضاً: أمريكا لها رأي آخر بشأن إدلب.. ترمب يصب ماءً مثلجاً على مقترحات بوتين حول الحل في سوريا
ورأى “رياض” أن نظام الأسد هو أكبر الخاسرين عقب هذا الاتفاق، مشيراً أن النظام السوري والميليشيات الإيرانية المساندة له، قد يجدون أنفسهم بعد فترة دون تغطية جوية روسية.
ولفت أن الاتفاق الجديد، هو عبارة عن هدنة مؤقتة، وأن استمرار تركيا بإرسال التعزيزات العسكرية إلى محافظة إدلب، ما هو إلا استعداد للمرحلة المقبلة التي ستعود فيها المواجهات في المنطقة.
مصير هيئة تحرير الشام في إدلب
وفي سياق متصل، اعتبر الصحفي السوري “إيهاب البكور”، أن الاتفاق الجديد لم يأتي ببنود جديدة، وهو شبيه بالاتفاقات السابقة بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وأوضح أن التفاهمات الأخيرة قبل سيطرة قوات النظام على معرة النعمان وسراقب، كانت نسخة طبق الأصل عن الاتفاق الحالي.
وأشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار حينها قد انهار بعد فترة وجيزة، موضحاً أن ذات الأمر سيتكرر بعد هذا الاتفاق، وستشهد المنطقة عودة التصعيد والتوتر.
ويرى “البكور” أن موسكو تمكنت من حسم الأمور لصالحها، وخرجت منتصرة بعد الاتفاق الجديد، مؤكداً أن الجزم بهذا الأمر لا يمكن أن يتم بشكل كامل إلا بعد رؤية ما ستؤول إليه الأوضاع الميدانية في المنطقة.
ولفت إلى أن الأمر ليس كما يراه البعض على أن موسكو تمكنت من فرض رؤيتها، موضحاً أن ما تم الاتفاق عليه لا يتعدى كونه ترميماً للعلاقات بين روسيا وتركيا، لتفادي المواجهة المباشرة بينهما في إدلب.
وحول مصير هيئة تحرير الشام في إدلب عقب الاتفاق الجديد، يرى “البكور” أن أنقرة في حال لم تلمس من روسيا أفعالاً على أرض الواقع، بغض النظر عن الأقوال، فإنها لن تعمل على إزالة هيئة تحرير الشام.
وأكد أن تركيا على علم مسبق، بأنها حتى لو قامت بإزالة “هيئة تحرير الشام”، فإن روسيا ستطالبها بعد ذلك أن تحل بقية فصائل المعارضة، مشيراً أن روسيا تصنف كافة الفصائل على أنها جماعات “إرهابية”.
اقرأ أيضاً: بذريعة “مكافحة الإرهاب”.. موسكو توضح: قوات الأسد ستواصل عملياتها العسكرية في إدلب
ولهذا يرى “البكور” أن مصير هيئة تحرير الشام في إدلب على ضوء الاتفاق الجديد، سيبقى غامضاً بانتظار آلية تطبيق البنود التي ما زالت مجهولة.
من جهته، وصف الناشط الإعلامي “موسى قيس” الاتفاق الجديد بـ”الهزيل”، وقال إن حسم مصير هيئة تحرير الشام في إدلب عقب اتفاق سوتشي 2018، أصبح ذريعة لروسيا من أجل التقدم والسيطرة على مواقع جديدة في المنطقة.
ولهذا السبب يرى “قيس” أن أنقرة ستحاول سد الذرائع الروسية، وستعمل على حل هيئة تحرير الشام أو إيجاد صيغة لمنع روسيا من استخدامها كحجة لشن الهجمات على المناطق المحررة في إدلب.
وفي هذا الإطار، اعتبر الصحفي المختص بالشأن التركي “أحمد حسن”، أن مصير هيئة تحرير الشام في إدلب لا يعتبر مشكلة بالنسبة لأنقرة وموسكو.
ورأى أن وجود الهيئة ضروري بالنسبة لروسيا فهي تعتبر وجودها ذريعة للتقدم وقضم مناطق جديدة في المنطقة الشمالية الغربية من سوريا.
اقرأ أيضاً: ما مصير مركز مدينة إدلب.. وهل ستنسحب قوات نظام الأسد إلى حدود اتفاق سوتشي؟.. خبراء أتراك يجيبون
وأضاف أن هيئة تحرير الشام لا تشكل عائقاً أمام أنقرة، بل أنها تساعدها في ضبط المجموعات الجهادية والحيلولة دون تهديد المصالح الأمريكية والتركية في المنطقة.
وختم “الحسن” حديثه لموقع “عربي 21” بالقول: “أنه وبحسب التجارب السابقة، وحسب ما نراه من استمرار التعزيزات العسكرية سواءً التركية أو الروسية في المنطقة، فإن الشمال السوري مقبل على تصعيد عسكري، وذلك في حال ضمان كل من روسيا وتركيا لمصالحهما في هذا التصعيد، وفقاً لقواعد اشتباك محدد من قبل الطرفين.