أخر الأخبار

النظام السوريائيلي.. رأي

بدأت المقارنة الشعبية مبكراً بين نظام الأسد وإسرائيل مع انطلاقة الشرارة الأولى للثورة السورية في آذار 2011 وبداية المظاهرات السلمية المطالبة بإسقاط النظام، حيث ظهرت شعارات حملها المتظاهرون طالبوا فيها جيش النظام السوري باستخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاط أسوةً بالجيش الإسرائيلي.

وبعد اقتحام قوات نظام الأسد للعديد من المدن السورية رفع المتظاهرون عدة شعارات تطالب الأسد بالتوجه لقتال العدو الإسرائيلي بدلاً من اقتحام وتدمير المدن السورية منها تلبيسة التي كُتب على مدخلها بعد أن دمّرت قوات الأسد جزءاً كبيراً منها “تل أبيب في الاتجاه المعاكس.. هنا تلبيسة.. هنا حمص.. هنا أبناء الشعب”.

حينها وبعد بضعة أشهر فقط من انطلاقة الثورة أدرك السوريون أن نظرتهم كانت صائبة، وكان أهل سوريا أدرى بنظامها وبأنه أكثر وحشية ودموية من إسرائيل ذاتها، وشعروا منذ البداية بأن نظامهم سيفعل كل شيء من أجل البقاء في السلطة ، تلك النظرة التي جاءت بحكم معرفتهم بالأشخاص الذين يحكمون قبضتهم على مفاصل الدولة أمنياً من طراز جميل حسن ورستم غزالي وعلي مملوك وحافظ مخلوف، حيث أنه لا يخفى على أحد من السوريين بطش وهمجية هؤلاء الذين يقفون على رأس الأجهزة الأمنية، وبأنها تتعدى همجية ووحشية الساسة الإسرائيليين المعروفين بدمويتهم.

سجل التاريخ أن الزعيم الإسرائيلي “شارون” قد شرب من دماء العرب أطفالاً ونساءً وشيوخاً في مجزرة صبرا وشاتيلا، ومثله “بيريز” في مجزرة قانا، ومثلهم بشار الأسد في مجازر الحولة والتريمسة وبانياس والحصوية، إلا أن بشار الأسد قطع شوطاً طويلاً في سباقه مع الساسة الإسرائيليين للحصول على لقب الدموي أو الوحشي واستطاع الوصول إلى لقب بشار الكيماوي بعد ارتكابه لمجزرة الغوطة الشرقية، وذبح أكثر من 1300 شخصاً دون أن يرق قطرة دم واحدة ربما لأنه أصبح متخماً بالدم السوري.

نظام الأسد وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، فقد تربى النظام البعثي في دمشق على الفلسفة الإسرائيلية في التعامل مع القرارات الدولية وشرب من النبع ذاته وتعلم كيف يكون مراوغاً متحايلاً وملتفاً على أي قرار دولي من شأنه إضعاف موقفه، وقد أعلن النظام السوري عدة مرات موافقته على بدء المفاوضات مع المعارضة السورية دون شروط مسبقة ودون الحديث عن مصير بشار الأسد مع تجاهل أن إعلانه هذا يُعد بمثابة الشروط المسبقة، وهذا ما كانت تفعله إسرائيل تماماً في مباحثات السلام مع الفلسطينيين طوال السنين الماضية.

لقد شاهد العالم أجمع ما تقوم به وفود النظام السوري أثناء المفاوضات سواءً في مباحثات جنيف بمختلف مساراتها، وفي اجتماعات اللجنة الدستورية السورية كذلك الأمر، إذ تضرب وفود نظام الأسد جميع الأعراف الدبلوماسية بعرض الحائط، ولا يسعون إلا إلى لكسب المزيد من الوقت بهدف الإبقاء على بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا لأطول فترة ممكنة.

في ذات الوقت الذي يتم فيه تعطيل أي مساعي قد تمهد الطريق أمام المضي بعملية سياسية حقيقية، تقوم قوات النظام السوري بقصف المدنيين العزّل في المناطق المحررة مراراً وتكراراً بحجة وجود مجموعات إرهابية وفق تصنيفات روسيا وإيران ونظام الأسد، وعلى الرغم من أن جميع الدول المطلعة على الشأن السوري تعرف تمام المعرفة أن النظام السوري يعاقب سكان المناطق الخارجة عن سيطرته بسبب معارضتهم لبقاء بشار الأسد على رأس السلطة، ومطالبتهم برحيله.

تماماً هذا ما كان يفعله الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين، حيث قام الجنود الإسرائيليين عدة مرات بفتح نيران بنادقهم على الفلسطينيين غير المسلحين في الأسواق، وكانوا يبررون فعلتهم هذه بأن العرب يكرهون اسرائيل ويُطالبونهم بالخروج من أراضيهم، في سيناريو مكرر لحجج وادعاءات نظام الأسد.

قامت إسرائيل بترحيل ملايين الفلسطينيين قسراً من قراهم ومدنهم وأصبحوا يطالبون بحق العودة إلى ديارهم، ومنذ عام 1948 والشعب الفلسطيني يحمل المفتاح كرمز من رموز إثبات حق العودة وهذا ما يخشاه ملايين السوريين بعد أن هجّرهم نظام الأسد قسراً من منازلهم وخرجوا منها لا يحملون معهم سوى المفتاح على أمل أن يعودوا إلى منازلهم خلال أيام، ويخشى الكثير من اللاجئين السوريين إن بقيت الأوضاع على ما هي عليه لفترة أطول أن يأتي اليوم الذي يطالبون فيه بحق العودة إلى ديارهم المسلوبة.

سيسجل التاريخ أيضاً أن نظام بشار الأسد هو النظام الأكثر وحشية وهمجية في منطقة الشرق الأوسط حتى عندما يتعلق الأمر بمقارنته مع إسرائيل، وأن نظام المقاومة والممانعة لم يكن إلا مقاوماً وممانعاً لحرية شعبه وحريصاً على أمن وسلامة أصدقائه في إسرائيل، ربما أكثر من الإسرائيليين أنفسهم.

بقلم : رنا غصن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: