لماذا منح أردوغان مهلة لنظام الأسد حتى نهاية شهر شباط؟
خاص – طيف بوست
لماذا منح أردوغان مهلة لنظام الأسد حتى نهاية شهر شباط؟، ولماذا لا ينفذ الرئيس التركي تهديداته مباشرة دون الانتظار حتى نهاية الشهر؟.. هذه الأسئلة ربما تتبادر إلى أذهان الجميع بشأن الأوضاع في إدلب.
وللإجابة على هذه الأسئلة لا بد أن ندرك جيداً أن مثل هذه القرارات التي تتعلق بالحرب لا تقوم الدول عادةً باتخاذها على عجل، بل يحتاج الأمر إلى توفير غطاء سياسي دولي قبل الشروع بالتنفيذ.
من جانب آخر لا بد أن نعي جيداً أن أي عملية عسكرية واسعة النطاق ستنفذها تركيا ضد نظام الأسد شمال سوريا، ستضعها في مواجهة روسيا التي لن تترك حليفها وحيداً يتلقى الضربات التركية.
ومن المرجح حينها أن تنتقل المعركة إلى معركة بين دول، إذ ستكون مختلفة تماماً عن المواجهات السابقة سواءً كانت بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، أو المعارك الدائرة بين نظام الأسد والمعارضة السورية.
وهناك أمر في غاية الأهمية لابد أن نأتي على ذكره ألا وهو أن تركيا الآن تقصف مواقع النظام السوري وتسقط طائراته دون الخوف أو النظر إلى العواقب والنتائج.
أما في حال كانت المواجهة بين روسيا وتركيا، فإن الوضع سيكون مختلف كلياً، وسيحتاج إلى قرارات تاريخية ومصيرية على القيادة التركية اتخاذها، لأن نجاح أنقرة حينها سيحقق لها مكاسب كبيرة جداً، لكن في المقابل الفشل سيكون له تبعات كارثية على تركيا.
ولابد من التذكير بأن تركيا في حال اتخذت قرار الحرب، فهذا يعني أنها قد أجرت تغيراً كبيراً في سياستها الخارجية، وقررت إنهاء ارتباطها بروسيا وتقربها من الأمريكيين والأوروبيين، الأمر الذي سيلقي بظلاله على الكثير من الملفات المشتركة بين موسكو وأنقرة في سوريا وليبيا، بالإضافة لصفقات الأسلحة والتبادل التجاري بين الطرفين.
وبسبب هذه المصالح المشتركة بين روسيا وتركيا، فإن أنقرة تتمهل قليلاً قبل اتخاذ قرار الحرب، وتحاول التوصل إلى حلول مرضية مع الجانب الروسي عبر المفاوضات والتلويح باستخدام القوة العسكرية.
الولايات المتحدة الأمريكية تحاول إغراء تركيا
لكن في المقابل فإن الإدارة الأمريكية تحاول أن تدفع تركيا باتجاه اتخاذ قرار الحرب ضد قوات النظام السوري في إدلب، وذلك عبر الوعود بتقديم الدعم، ورفع العقوبات، وعودة التبادل التجاري كما كان في السابق.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” يحاول إغراء تركيا بخصوص صفقات الأسلحة، خاصة صفقة طائرات “إف 35” المعلقة، والتي من الممكن الإسراع في إنجازها حال دخلت تركيا في مواجهة مباشرة ضد روسيا في الشمال السوري.
وقد عبرت القيادة الأمريكية عن دعمها لتركيا يوم أمس عبر استهداف سلاح الجو الأمريكي رتلاً عسكرياً تابعاً للمليشيات الإيرانية كان في طريقه نحو الشمال السوري للمشاركة في المواجهات الدائرة بين قوات النظام السوري والفصائل المدعومة من أنقرة.
اقرأ أيضاً: أمريكا تدخل على خط المواجهات في إدلب وتستهدف رتلاً عسكرياً للميليشيات الإيرانية!
ويمكن أن نستنتج مما سبق أن تركيا الآن في مرحلة تقييم الأمور قبل اتخاذ أي قرار، فهي لن تجازف بتدمير علاقاتها مع روسيا إلا في حال ضمانها أنها ستجد بدائل مناسبة على الضفة الأخرى التي تتمثل بالأمريكيين والأوروبيين.
ولن تطلق القيادة التركية عملية عسكرية واسعة النطاق ضد قوات نظام الأسد إلا في حال حصولها على الدعم الكامل من المعسكر الغربي من مختلف النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية.
وحتى تكتمل الصورة فإن الرئيس التركي قد أمهل النظام السوري حتى نهاية شهر شباط الجاري ليس لإفساح المجال أمام نظام الأسد للتقدم، والسيطرة على مناطق جديدة كما يروج البعض، وإنما للأسباب الأنفة الذكر.
خياران إثنان أمام تركيا بشأن إدلب
في حين تدل معظم المؤشرات الميدانية والسياسية على أن تركيا أقرب إلى اتخاذ قرار إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق ضد قوات نظام الأسد لإجباره على الانسحاب إلى خلف نقاط المراقبة التركية المتمركزة شمال سوريا.
وبمعنى آخر فإن لدى تركيا خياران إثنان لا ثالث لهما، فإما اتخاذ قرار المواجهة بدعم غربي، وإجبار قوات نظام الأسد على التراجع إلى حدود اتفاق سوتشي، وحينها قد تتطور الأمور ونشهد مواجهة مفتوحة بين روسيا وتركيا لا يمكن التكهن بتبعاتها ونتائجها.
أما الخيار الثاني فيتمثل بالتوصل إلى تفاهمات معينة عبر المفاوضات مع الجانب الروسي، وعندها من الممكن أن نشهد ولادة اتفاقية جديدة بين الأطراف الضامنة (روسيا، تركيا، إيران)، قد ينتج عنها خرائط وبنود جديدة بشأن المناطق المحررة شمال سوريا.
في الختام لابد أن نذكر بأن ما يطرحه الروس من حلول على طاولة المفاوضات بعيد كل البعد عن المطالب التركية، الأمر الذي ربما يوحي بأن تركيا ماضية نحو اتخاذ قرار الحرب ضد قوات النظام السوري في إدلب بدعم وتأييد من الأمريكيين والأوروبيين والحلفاء في “الناتو”.