بين تمسك روسيا بخيار الحسم العسكري ورغبة تركيا بفرض واقع جديد.. إدلب إلى أين؟
خاص – طيف بوست
يخشى السوريون أن يكون مصير منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب شبيه بمصير مناطق خفض التصعيد الثلاث الأخرى التي انتهى بها المطاف إلى السقوط تباعاً بيد نظام الأسد.
ويرى كثير من السوريين أن جميع الاحتمالات باتت واردة بشأن إدلب، بما في ذلك شن تركيا عملية عسكرية مفتوحة ضد قوات النظام السوري شمال غرب سوريا.
فيما يستبعد آخرون أن تتحول الخلافات بين روسيا وتركيا إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين الطرفين على الأراضي السورية.
ولعل السؤال الذي يشغل بال السوريين، ويبحثون عن إجابة له في وقتنا الراهن، هو أين تتجه الأمور في منطقة خفض التصعيد الرابعة؟.. ومحافظة إدلب إلى أين..؟.
وللإجابة على هذا السؤال لا بد أن نعلم في البداية أن الخلاف الروسي التركي بشأن إدلب يزداد تعمقاً يوماً بعد يوم، حيث من الواضح تمسك كل طرف برؤيته للحل في المنطقة.
فروسيا تعتبر سوريا مقاطعة روسية، وأن موسكو لها اليد العليا على الأراضي السورية نظراً لتفوقها العسكري، وسيطرتها على المجال الجوي السوري.
ويضاف إلى ذلك سيطرة الروس على القرار السياسي في سوريا، حيث أن بشار الأسد لم يعد سوى حاكم لمقاطعة روسية يتلقى أوامره من الكرملين بشكل مباشر.
ومن الواضح بعد جولة المباحثات الفاشلة التي جرت بين روسيا وتركيا مؤخراً، وما صدر من تصريحات عن مسؤولي البلدين، أن موسكو متمسكة بخيار الحسم العسكري في إدلب.
في المقابل فإن الأتراك يريدون فرض واقع جديد على الأرض، ويرفضون استمرار حملة روسيا ونظام الأسد على إدلب، ونزوح المزيد من المدنيين نحو الحدود التركية.
وقد كشفت صحيفة “يني شفق” التركية في تقرير صدر عنها صباح اليوم، أن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، أبلغ الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما قبل أيام، بأن الحملة العسكرية على إدلب سوف تستمر إلى أن تحقق أهدافها.
وأضافت الصحيفة أن “بوتين” أخبر “أردوغان” أن روسيا ترفض أي عملية عسكرية محتملة قد تشنها القوات التركية على مواقع قوات النظام السوري في إدلب نهاية الشهر الجاري.
اقرأ أيضاً: “بوتين” لـ “أردوغان”: قوات نظام الأسد لن تنسحب إلى خلف نقاط المراقبة.. والعملية العسكرية مستمرة في إدلب
كما أوضحت الصحيفة أن بوتين أعرب عن رفضه التام للمطالب التركية المتمثلة بانسحاب قوات نظام الأسد إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية المنتشرة شمال غرب سوريا.
في حين تعهد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بحماية إدلب، حيث قال: “إدلب ستنعم بالسلام مثل باقي المناطق التي حل فيها السلام شمال شرق البلاد”.
حرب أم مفاوضات.. إدلب إلى أين..؟
في ظل تعمق الفجوة بين روسيا وتركيا، فإن احتمالات اندلاع حرب شاملة بين روسيا وتركيا في الشمال السوري أمر غير مستبعد، نظراً لتصاعد حدة التوتر بين الطرفين.
ومن الأمور التي تزيد من احتمالية حدوث صدام عسكري بين أنقرة وموسكو في إدلب، هي دخول الولايات المتحدة الأمريكية على الخط، ودعم تركيا سياسياً، وتعهدها بتقديم الدعم العسكري في حال المواجهة مع روسيا.
وفي هذا الصدد قال محللون أتراك، إن روسيا وتركيا دخلتا مرحلة المواجهة العلنية شمال غربي سوريا بالفعل منذ أيام في بلدة النيرب، إذ تعرضت إحدى نقاط المراقبة التركية لقصف جوي روسي أودى بحياة جنديين تركيين وإصابة 5 آخرين.
وأشار الكاتب التركي “سيدات أرغين” إن البيئة في الوقت الحالي مهيئة لنشوب نزاع في إدلب، وأن تصاعد حدة التوتر بين روسيا وتركيا تزداد يوماً بعد يوم.
وأضاف الكاتب في مقال له على صحيفة “حرييت“، أن موسكو وأنقرة قد وصلتا لمرحلة من الممكن تسميتها بمرحلة “الخصومة” الميدانية، مشيراً أنه لا يمكن أن ننكر أنهما باتا في مواجهة علنية.
وأوضح الكاتب أن تصريحات مسؤولي البلدين التي تقول أنه لا نية للتصادم بين الطرفين شيء، والتطورات الميدانية شيء آخر، مؤكداً أن التصادم حصل بالفعل ومن الممكن أن يتطور في أي لحظة.
ولفت أن تركيا تستهدف قوات نظام الأسد بشكل مباشر، فيأتي الرد عبر المقاتلات الروسية التي باتت تستهدف نقاط المراقبة التركية بشكل علني.
اقرأ أيضاً: نظام الأسد يصف سياسة أمريكا بـ “الوقحة”.. وصحيفة تكشف تعمد النظام السوري استهداف نقاط المراقبة التركية
وأكد الكاتب أن التنبؤ بالسيناريوهات القادمة بشأن إدلب، أمر في غاية الصعوبة، خصوصاً أن المهلة التركية الممنوحة لنظام الأسد شارفت على النهاية.
واستدرك قائلاً: “في حال استمر التنسيق بين قوات النظام السوري وروسيا كما جرى في بلدة النيرب، فإن المواجهة بين روسيا وتركيا ستكون حتمية في إدلب.
وأشار إلى أن روسيا لن تقبل أبداً أن تخترق المقاتلات التركية المجال الجوي فوق منطقة خفض التصعيد الرابعة بإدلب، مؤكداً أن موسكو ستمنع حدوث ذلك.
ورأى الكاتب التركي أن يفضي التوتر الحالي في العلاقات بين تركيا وروسيا، إلى إعادة أنقرة ترتيب أوراقها من جديد بخصوص مفاهيم “الأعداء والأصدقاء”، بما في ذلك صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس 400”.
إلى ذلك تبقى جميع الاحتمالات واردة، وتبقى الإجابة على سؤال إدلب إلى أين..؟ غامضة، لكن جميع المؤشرات تدل حتى اللحظة على تمسك روسيا بخيار الحسم العسكري واستمرار الحملة العسكرية على إدلب.
اقرأ أيضاً: مسؤولون أتراك: عقبات كبيرة تقف أمام التوصل لاتفاق روسي تركي حول إدلب.. وتركيا على وشك اتخاذ قرار تاريخي
في حين يبدو الموقف التركي هذه المرة أكثر صلابة من المرات السابقة بشأن عدم السماح لقوات الأسد بالتقدم، والسيطرة على المزيد من المناطق المحررة شمال غرب سوريا.
وعلى ما يبدو أن تركيا غير مستعدة لتقديم أي تنازلات بشأن ملف إدلب حتى لو كلفها ذلك الدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة مع روسيا على الأراضي السورية.