هل قدم “بشار الأسد” رأس “رامي مخلوف” قرباناً لروسيا..؟
نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تقريراً سلطت من خلاله الضوء على الخـ.ـلافات الحاصلة بين رأس النظام السوري “بشار الأسد” وابن خاله رجل الأعمال “رامي مخلوف”.
وتطرقت الصحيفة في تقريرها إلى الحديث عن علاقة روسيا بالصراع الغير مسبوق الذي يجري ضمن الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد خلال الأيام القليلة الماضية.
واستهلت “هآرتس” تقريرها بالتساؤل عن الأمور التي جعلت “رامي مخلوف” يلجأ إلى مخاطبة “بشار الأسد” عبر فيديوهات نشرها على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
وعرضت الصحيفة احتمالات ظهور “مخلوف” مناشداً الأسد على الفيس بوك من الأضعف إلى الأقوى، وذكرت أن الاحتمال الأول هو امتلاك “رامي” للأموال التي تطالبه بها حكومة الأسد، مع تحفظه على التسديد.
أما الاحتمال الثاني فهو تقديم “أسماء الأخرس” زوجة الأسد عرضاً لشراء الأصول التي يملكها “مخلوف”، مشيرة إلى أن الاقتصاد السوري مثل الدولة السورية هو شركة عائلة الأسد لكن أسماء تريد فقط أكثر لجناحها في الأسرة،
ونوهت أن “مخلوف” قد قال في رسالته الأخيرة “أنا لا أتهـ.ـرب من دفع الضـ.ـرائب، كيف لشخص أن يسـ.ـرق من عائلته”، في إشارة إلى علاقته الوثيقة بالدولة وأنهما يشكلان عائلة واحدة.
وحول الاحتمال الثالث، أفادت الصحيفة أن نظام الأسد يعاني من صعوبات في الحصول على النقد، وأن الاقتصاد السوري في وضع صعب للغاية، موضحة أن النظام السوري لجأ إلى أموال “مخلوف” بعد تفاقم الأمور نتيجة انهيار الليرة اللبنانية وتداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد مؤخراً.
أما الاحتمال الأقوى الذي ركزت عليه الصحيفة، فهو مطالبة روسيا بالديون والأموال التي انفقتها من أجل منـ.ـع سقوط نظام الأسد، وذلك منذ تدخلها نهاية شهر أيلول/ سبتمبر عام 2015 حتى يومنا هذا.
وأشارت إلى أن دافع روسيا من التدخل في سوريا كان جيوسياسي بالدرجة الأولى، مؤكدة أن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” يرغب باسترداد الأموال التي أنفقتها روسيا في سوريا، عبر عقود وامتيازات تقدر بنحو 5 مليارات دولار شكلت قيمة الدعم الروسي المقدم للأسد.
اقرأ أيضاً: حقيقة بدء انسحاب القوات الإيرانية من سوريا.. مسؤولون إسرائيليون يوضحون!
وأوضحت أنه حتى اللحظة لا أحد يعرف لماذا اختار “رامي مخلوف” مخاطبة “بشار الأسد” عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، وشبهت الصحيفة ذلك بعدم معرفة سبب اختفاء “كيم جونغ أون” زعيم كوريا الشمالية لعدة أسابيع، قبل أن يظهر بشكل مفاجئ دون أن يقدم أحد تفسيرات رسمية حول ما حصل له.
ولفتت الصحيفة إلى أنه وبالرغم من الضبابية التي تلف الصراع بين “مخلوف” و”الأسد” إلا أن الزاوية الأكثر إثارة للفضول، والأقرب لأن تكون سبب الخـ.ـلاف، هي مطالبة موسكو بالأموال التي أنفقتها في سوريا من أجل إبقاء “الأسد” على رأس السلطة.
واعتبرت أن حملة الانتقادات الأخيرة التي شنتها وسائل الإعلام الروسية المقربة من “بوتين” ضد “بشار الأسد” ونظامه، جاءت للضغط على الأخير من أجل التحرك وتأمين ما تطلبه روسيا من أموال.
وأكدت “هآرتس” أن حديث الصحافة الروسية الرسمية وغير الرسمية عن الفسـ.ـاد المستشري في سوريا، ما هو إلا إشارة إلى “رامي مخلوف” والأموال التي يجنيها وتحكمه بأكثر من 70 بالمائة من اقتصاد البلاد.
وتساءلت الصحيفة حول عدم رغبة بشار الأسد بإعادة إعمار سوريا، موضحة أن أحد أهم الأسباب في ذلك، هو الرفض الإيراني، مشيرة إلى أن إيران تحب الحلفاء الضعفاء حتى تستمر في تقاسم السلطة معهم.
واستدلت على ذلك برغبة إيران بإبقاء كل من العراق واليمن ولبنان في حالة ضعف من أجل أن تبقى مسيطرة على الأوضاع في تلك البلدان، لافتة أنه لحسن حظ إيران فإن بشار الأسد لا يبدو حريصاً على إعادة بناء سوريا.
اقرأ أيضاً: وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة يتوقع تصاعد وتيرة المواجـ.ـهات في إدلب
وأكدت الصحيفة أن إعادة إعمار سوريا يتطلب إعادة قسم كبير من اللاجئين السوريين، الأمر الذي يقال أن بشار الأسد لن يفعله، وذلك بسبب تخـ.ـوفه من أن يشكلوا في المستقبل كتلة معارضة له.
واعتبرت أنه في ظل ما سبق لم يجد بشار الأسد مخرجاً يمكنه من تسديد الديون المترتبة عليه لروسيا، إلا عبر تقديم رأس “رامي مخلوف” قرباناً لموسكو.
وأضافت أن إعادة إعمار سوريا قد لا تلبي متطلبات روسيا من الأموال، لذلك كان لابد من التضييق على “رامي مخلوف” أغنى رجل في سوريا.
وأشارت “هآرتس” إلى أن كل من روسيا وإيران لا يملكون المال الكافي لتمويل عملية إعادة الإعمار في سوريا، وأن أمريكا وأوروبا لن يدعموا إعادة الإعمار في ظل بقاء بشار الأسد على رأس السلطة.
كما أن الصين لا تبدي أي رغبة في الاستثمار في بلد تعتبر فيه المخـ.ـاطر مرتفعة، مشيرة أن الشركات الصينية لا تحب المنافسة في الأماكن التي تمتلك فيها روسيا وإيران نفوذاً سياسياً على قدر كبير.
وأوضحت الصحيفة أن روسيا تبدو وكأنها خرجت منتصرة على إيران في سابق الحصول على الامتيازات في سوريا، لافتة أن موسكو سيطرت على صناعة الفوسفات السورية، كذلك تقترب من السيطرة على شركة “سيريتل” التي تعتبر جائزة أخرى.
وختمت “هآرتس” تقريرها متسائلة: “هل بمحض الصدفة لجأ بشار الأسد إلى نفس أسلوب بوتين بما يتعلق بفرض الغرامات والضـ.ـرائب على أصول رجال الأعمال الأغنياء في روسيا؟”.
اقرأ أيضاً: صحيفة بريطانية: الصراع داخل عائلة الأسد أصبح مفتوحاً.. ومسؤول أمريكي يعلق على فيديوهات “رامي مخلوف”
ورأت أن كل ما يحصل الآن يعني أن سوريا بانتظارها مستقبل كئيب، فالأمر يبدو كأنه تقاسم للكعكة السورية مع خسارة كل من الشعب السوري وإيران بشكل أساسي وخروج روسيا منتصرة.
وقالت أن الخبر الوحيد الجيد ربما يكون جيوسياسي، ألا وهو خروج إيران من سوريا وهي مقتنعة تماماً أن تدخلها كان خاطئاً، بعد فشـ.ـلها بالحصول على امتيازات ذات قيمة عالية جراء مساندتها لنظام الأسد على مدار السنوات الماضية.